الخبز بين أهالي اللاذقية والنظام خط أحمر لم يعد موجوداً.. وتهم حيازة الخبز

طابور للحصول على مادة الخبز في اللاذقية (فيس بوك)

لأكثر من يومين تبقى بعض العوائل في مدينة اللاذقية دون خبز بانتظار الوصول إلى طريقة للحصول عليه، بعضهم يتوجه حتى مدينة جبلة لكي يؤمن بعض الأرغفة لأسرته، ومنهم من يعتمد على الواسطات للحصول عليه، وسط طوابير تمتد أمام الأفران، بالتزامن مع ارتفاع كبير بأسعاره وصل فيه سعر الربطة لضعفي السعر الأساسي.

 ارتفع سعر ربطة الخبز بسبعة أرغفة من مئة ليرة، حتى وصل حالياً ٢٠٠ ليرة سورية، وذلك في حال استطاع الشخص تحصيلها من الفرن، بينما يصل سعرها في المحلات إلى أكثر من ٥٠٠ ليرة، في حين يبلغ سعر ربطة الخبز السياحي التي تحوي على تسعة أرغفة ألفين ليرة؛ وتشكل هذه الأسعار عبئاً حقيقاً على الأسر التي يحتاج بعضها لأكثر من أربع ربطات خبز يومية، وسط مخاوف يعيشها الأهالي من استمرار ارتفاعها، فضلاً عن استغلال التجار وأصحاب المحلات ندرة الخبز وبيعه حسب رغبتهم.

وبعد انتهاء فترة عطلة عيد الأضحى، سوف يبدأ توزيع الخبز بطرق جديدة تم وضعها من قبل المسؤولين بهدف "تخفيف الازدحام أمام الأفران وتوفيره لكافة الأهالي"، حسب إعلام النظام، لكن طرق التوزيع التي تم الإعلان عنها، اعتبرها الأهالي عبئاً إضافياً وسوف تحرم الكثير منهم من الخبز بشكل نهائي، فهي تعتمد على تطبيق عبر الهاتف النقال، الذي لا تملكه أسر كثيرة، بينما اعترضت شرائح واسعة على توزيعه عبر معتمدين في الأحياء، بحيث تتعرف كل أسرة على المعتمد الخاص بها من خلال التطبيق، وجاء الاعتراض على هذه الآلية لكونها ستسمح للمعتمدين بالسرقة أو التلاعب بوزن الربطة، خصوصاً وأنهم يوضعون من خلال المحسوبيات والواسطات، كما جاء اعتراض الأهالي على كون طريقة التوزيع الجديدة ستجعلهم مجبرين على البقاء في مناطقهم وعدم الخروج منها لزيارة قراهم مثلاً لأنهم بذلك سيحرمون من الخبز.

 هذه القرارات جاءت مع صدور قرار قبل أيام من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، يقضي بتحديد مخصصات الفرد الواحد من مادة الخبز برغيفين وربع في اليوم، والتي ستوزع عبر "البطاقة الذكية"، في عدد من المحافظات التي يسيطر عليها النظام، بحيث يحصل كل فرد على ربطة فيها سبعة أرغفة كل ثلاثة أيام، بعد أن كان سابقاً يحصل على الحصة ذاتها كل يومين.

 وستُطبق إعادة توزيع مخصصات الفرد والعائلة في كل من محافظة اللاذقية وطرطوس وحماة، التي بدأت بالاعتماد على مبدأ التوطين، والتي من المقرر أن تُطبق لاحقاً في بقية المحافظات.

 وعلى الرغم من أن أزمة الخبز هذه تعتبر واحدة من الأزمات المثيرة التي يعيشها الأهالي في اللاذقية التي تخضع لسيطرة النظام، لكنها تعتبر الأصعب والأكثر خطورة، بسبب حالة الجوع التي يمرون بها، ولما يشكله الخبز من أهمية للناس لاسيما الموالين للنظام الذين لطالما ربطوا بين تأمين الخبز وتقديس النظام.

 لذلك حمل هذا القرار معه الكثير من السخط والسخرية في اللاذقية، وظهر ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال فيديوهات صورها شبان للحديث عن الأمر، على اعتبار أن الخبز هو "المنفذ الوحيد لاستمرار حياة الفقراء الصابرين الصامدين، وهو خط أحمر ولايجوز التلاعب به قطعياً"، ترافق ذلك برواج الاستعمال المتكرر لصورة حافظ الأسد التي تحمل عبارة "قم يا أبا الفقراء".

 ومع وجود كل هذه المشاكل والوضع السيء بسبب الخبز، شهدت المدينة اعتقال شاب بتهمة "حيازة الخبز"، وهو صاحب أحد المتاجر في مدينة اللاذقية. ونقلت وسائل إعلام موالية للنظام عن مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لدى النظام، أن المتهم "يقوم بالاتجار بالخبز عبر تجميع البطاقات وقطعها في مخبزه ونقل الخبز للاتجار به".

 وتأتي هذه الأخبار في ظل سعي النظام إلى إلقاء اللوم على أصحاب المخابز والتجار في التسبب بأزمة الخبز، في محاولة للتغاضي وتبرير العجز عن تأمين أدنى المتطلبات اﻷساسية للحياة.