عبد القادر الحمو المجنون وجامع الإتاوات في الحسكة

لن يكون بإمكان مؤيدي النظام في الحسكة تصور ما يجري في سوريا، رغم مرور كل تلك السنوات؛ فمركز المدينة الذي يخضع لقوات النظام وشبيحته مازال تحدد أسس الحياة فيه ميليشيا الدفاع الوطني وحدها، ويشكل قائدها عبد القادر الحمو أباً حقيقياً وملهماً لكل أصناف مجرمي وشذاذ تلك الأحياء، بجرائمه المتراكمة منذ ما قبل الثورة، وقراراته المضحكة بغبائها وعزفها خارج التاريخ والأحداث، وبحروبه التي خاضها، ويخوضها اليوم، فقط ضد أهالي حي غويران المجاور، الخاضع لسيطرة وحدات الحماية الكردية، وحصته المالية من كل نشاط في المدينة.

هجوم ميليشيا الدفاع الأخير جرى منذ أيام، حين تسلل مجموعة عناصر من الميليشيا إلى القسم الشرقي لحي غويران في الحسكة، بعد شجار مع أحد أبناء الحي في المربع الأمني وسط المدينة، ليحرقوا -انتقاماً من الشاب- أحد منازل أقربائه، بعد إطلاق الرصاص على البيت مباشرة، وبقيادة العنصرين علي الكنج الملقب بالمزولم لإدمانه الحبوب المخدرة، وهو النسخة الأكثر شبهاً بالحمو وقائد أكبر مجموعة في الميليشيا، وحميد الحمو اليد اليمنى لابن عمه عبد القادر.

الحرب التي خاضتها المجموعة في حي غويران لا تخرج عن مسيرة عبد القادر وميليشيا الدفاع في الحسكة، منذ تأسيسها نهاية العام 2013، على أنقاض (كتائب البعث) على يد ضابط المخابرات العسكرية الملازم أول أبو حيدر، والنقيب -آنذاك- بسام العرسان، الذي جمعته علاقة جيدة بالشبيح في (اللجان الشعبية) عبد القادر الحمو، صاحب الباع في قمع المظاهرات وملاحقة الثوار، وتطورت العلاقة بعد بروز جماعته كعصابة تظهر العداء وتختلق المشاكل مع الأكراد في عدة مناطق بالحسكة، ما جعل لهم أولوية الانضمام لكتائب البعث (المقنعين)، ثم وقع الاختيار على الحمو وبعض العناصر لتدريبهم بشكل خاص بقصد تأهيلهم كقادة للمجموعات.

بدأ الحمو باكتساب قوته بعد ضم نسبة كبيرة من أصدقائه وأقربائه المشابهين له في السلوك الشائن، ثم بعد صراعات كثيرة خاضها مع مجموعات أخرى في ميليشيا الدفاع، منها مجموعة الزوري ومجموعة عامر؛ لكن الصراع الأكبر والأخير كان مع عدي وحمود الحفيان في العام 2015، عندما رأى الحمو أن هذين "تطاولوا على أسيادهم"، ثم قام بمهاجمة بيت الحفيان، واشتبك معهم لأكثر من ساعتين أودت بحياة عدي وأخيه حمود ووالدهما وابن عمهم، ليتحول حينها إلى القائد الأول الذي يخشاه الجميع لوحشيته وانفلات عناصره، الذين (يجولون ويصولون في المربع الأمني)، و(مرفوع عنهم القلم) كما يروى عن أحد ضباط فرع الأمن العسكري، بعد حادثة صدام بين عناصر من الفرع وآخرين من الميليشيا خلفت إصابات بين الطرفين.

منذ ذلك الوقت، صار مقر ميليشيا الحمو، قريباً من فرع حزب البعث في الشارع الموازي لشارع القضاة، مقصداً لوجهاء المدينة الذين توجهوا إليه مع وفد من أقربائه عشيرة الشرابية لبحث "الحد من التطاول والانفلات الأمني" لعناصره. ينقل أحد الوجهاء الذين قابلوه أن الحمو أجابهم بنوع من الاعتراف والتحدي "ما أجاني إلا البواق والسرسري"، هؤلاء اللصوص والزعران عادةً يكافئهم "المعلم أبو أحمد عند كل (مشكلة) يكونون (المنتصرين) فيها"، بغض النظر عن طبيعة المشكلة والطرف الآخر فيها.

للحمو موارد مالية كثيرة، مثل إيرادات مركز البراد الآلي الذي يحتله، والدعارة والتجارة بالمخدرات، و الإتاوات على محلات الخضار والفواكه وبسطات سوق الهال، وجزء من بسطات الشارع العام، خاصة في حارة الحموية حيث محلات الخردة والمكياجات من الدرجة الثانية، وحيث يقبض من أصحابها مبلغ 4000 آلاف ليرة كل شهر، بدعوى حمايتهم من البلدية وهيئة الرقابة والتموين. كما يعمل الحمو في الشراكة مع الكثيرين في مجالات متنوعة تصل إلى الشأن الصحي، فهو شريك في الصيدلية المركزية وصيدليات أخرى في المدينة، إلى جانب بيع بطاقات (مهمة في الدفاع الوطني)، مدتها 3 أشهر بسعر 150 ألف ليرة، للراغبين في تسهيل أمورهم أو الضرب بسيف الميليشيا.

آخر قرارات الحمو رفع السواتر، من صناديق الخشب المملوءة بالتراب والحواجز الإسمنتية في محيط المقر، لقطع الشارع ذهاباً وإياباً، تزامناً مع نشر عناصره الشائعة التي تقول، إن الأكراد سيخوضون معركة مع النظام للاستيلاء على المربع الأمني في الحسكة!، وإشاعة موازية تقول إن النظام بدأ بحل الميليشيات، وسيبدأ بالدفاع الوطني لأنهم يعتبرون أكبر ميليشيا موجودة!، رغم أن تعداد عناصرها المسجل في الحسكة 330 عنصر، وتدرب حوالي 200 عنصر آخرين جدد.

قبل الثورة، اشتهر الحمو الذي تجاوز الخامسة والثلاثين، اليوم، في حي النشوة الشرقية كتاجر حبوب مخدرة ولص دراجات نارية، رغم انتمائه لعائلة غنية تعمل بالزراعة وتجارة الغنم، ولعل ثراء أهله بالذات ما جنبه الملاحقة لفترات طويلة على القضايا الجنائية المرتبطة به، والتي تتعدى تجارة المخدرات والسرقة لتصل إلى قضايا اغتصاب وتحرش بأطفال، رغم أن زواجه الأول الذي أنتج ولداً وبنتين يعود لسنوات قبل الثورة، لكنه أنهاها في العام 2013 بقتل زوجته عبر إلقائها من بلكون بيته في الدور الثالث، ثم زواجه من اثنتين لاحقاً.