على يسار الصورة يظهر علي دوبا، الرئيس التاريخي لشعبة المخابرات العسكرية في عهد حافظ الأسد، وعلى اليمين شقيقه محمد، وبينهما يقف ابن الأخير المحامي أيمن، وهو من نشر هذه الصورة النادرة، على صفحته الشخصية في فيسبوك، ليكشف عن وجه عمه دون أن يسميه، الوجه الرهيب الذي توارى لعشرات السنين خلف حجاب من السرية. ملامح الوجه كشفتها الصورة المنشورة صدفة، لكن شخصية علي دوبا ستظل غامضة طالما ظل المجهول عنه مجهولاً حتى الآن.

حسب الصورة، وعلى عكس شقيقه محمد، يبدو علي طاعناً في السن لكن بصحة جيدة، ذا همة ونشيطاً، يحرص على الظهور بملابس عصرية، غير مستسلم لأفول العمر. وحسب أنباء متواترة فإنه ما زال قادراً على السفر في رحلات بعيدة، بشؤون عامة إلى روسيا، وخاصةٍ إلى ابنه في بريطانيا.

لا تتاح الكثير من المعطيات عن الرجل الذي أفزع السوريين طوال عقود، واقترن اسمه بالرعب، ورسمت الحكايات ملامح وجهه الغامض في صور متناقضة، قبل أن يقصيه حافظ الأسد في نهاية خدمة طويلة ومخلصة لعرابه وولي نعمته، الذي أتاح له سلطة لا تعلوها سوى سلطته.

عام 1933، في قرية قرفيص الفقيرة بجبال اللاذقية، ولد علي بن عيسى دوبا رجل الدين البسيط الذي حاز بالتدريج احتراماً بين فلاحي الضيعة الفقراء. وبلا شك ستوسع هذه المكانة النسبية من آفاق الأب، فيحرص، رغم ضيق ذات اليد، على تعليم ولديه، علي ومحمد. سيجد كلاهما طريقه إلى الجيش، علي كضابط حربي، عمل ملحقاً عسكرياً ثم نقل إلى جهاز المخابرات بعد العام 1966 في فرع اللاذقية، ثم عين نائباً لرئيس هذا الجهاز بعد انقلاب حافظ الأسد 1970، قبل أن يترأسه في العام 1974 ليكون ضمن الحلقة الحاكمة العليا في النظام. ومحمد كضابط فني جوي أول الأمر، قبل أن يعيّن، بمعية شقيقه، رئيساً لفرع المخابرات العسكرية بحلب خلال أعوام 1974 وحتى 1979، ثم مديراً للشركة السورية للنفط حتى العام 1990.

تبدأ علاقة عائلة دوبا بعالم النفط من هنا، وتمتد إلى الجيل الثاني عبر محمد بن علي الذي دخل، في النصف الثاني من التسعينات، في شراكات مع رامي مخلوف ومفلح بن محمود الزعبي، في صفقات نفط عراقي ضمن ما كان يعرف باتفاقية النفط مقابل الغذاء، كان أشهرها استجرار نفط عراقي، ثم بيعه على أنه نفط سوري إلى إسرائيل عبر وسيط.

في أيار 2012، خطف محمد علي دوبا في ظروف غامضة، ويرجح أن يكون خطفه حصيلة صراعات خاصة مع منافسين تجاريين. أما شقيقه نضال فآثر الابتعاد مبكراً والإقامة في بريطانيا. ليستأنف سامر، الشقيق الأصغر، إدارة أموال العائلة.

في قصره بقرفيص يمضي علي دوبا تقاعداً طويلاً ومريحاً. والمؤسف في كل حكايته أنه سيموت، على الأغلب، في بيته مثل أي رجل عادي دون أن يخضع لمحاكمة.