العيد في مدينة إدلب
فرحة بنكهة الألم

مدينة إدلب - خاص عين المدينة

في هذا العام حمل عيد الفطر لسكان مدينة إدلب شيئاً من البهجة وإن كانت ممزوجة بالألم، فلأول مرة منذ سنوات يمارسون طقوساً اعتادوها من قبل. إذ ما إن طبّق اتفاق التهدئة الذي أبرم بين المعارضة والنظام حتى بدأت بوادر التغيير تظهر في كافة مناحي الحياة.

صنع حلويات العيد في المنازل

دفع ارتفاع أسعار الحلويات الكثيرين إلى البحث عن بدائل أقل تكلفة، كصنع الحلويات في المنزل لتأمين ما تحتاجه الأسرة منها، وساعدت مقاطع الفيديو المنتشرة على اليوتيوب السيدات على ذلك. بينما وجدت بعض الأسر في صنع الحلويات في المنزل مصدراً للدخل من خلال بيع ما تنتجه. وقد لاقت الحلويات المنزلية رواجاً كبيراً، لرخص ثمنها وجودتها ونظافتها. ففي المحال وصل سعر كيلو الحلو الجيد إلى ما يساوي 15 دولاراً، والمتوسط إلى 10 دولارات. أما المكسرات التي تستخدم في صنع الحلويات فارتفع سعر كيلو الجوز ليصبح 10 دولارات، وسعر كيلو الفستق الحلبي 18 دولاراً، وبلغ سعر كيلو الزبدة العربية 12 دولاراً.

أم عمر (43 عاماً)، من سكان مدينة إدلب، تعمل بصناعة الحلويات المنزلية منذ أن اعتقلت قوات النظام زوجها واضطرت إلى إعانة أفراد أسرتها من خلال هذه المهنة البسيطة، تقول: «الله وكيلك، دفتر الحجز عندي سكّر من قبل العيد بأكتر من أسبوعين، وفي ناس حجزت من هلق لعيد الأضحى. أول مرة بيصير عليّ هيك كثافة بالطلب».

مهرجان التسوق

وقد افتتح المجلس المحلي للمدينة مهرجان التسوق الأول في المناطق المحررة. وتعود هذه الفعالية الاقتصادية بالفائدة على سكان مدينة إدلب والنازحين إليها من المدن الأخرى، كما شكلت فرصة للتجار لعرض بضائعهم المعدّة للعيد، وأسهمت في خفض الأسعار من خلال روح التنافس في عرض المنتجات، ودفعت بعض التجار من المدن القريبة إلى دخول سوق المدينة وطرح كميات كبيرة من السلع المتنوعة، كما أتاحت فرص عمل لكثير من العاطلين عنه، وخففت الازدحام والضغط عن أسواق المدينة المكتظة بالسكان. وبسبب تنوع البضائع والأسعار التي تناسب كافة المشترين، فقد شهد المهرجان إقبالاً كبيراً من سكان المناطق المحررة المجاورة.

الحاج علي، صاحب إحدى البسطات في السوق، قال: «أعلن المجلس المحلي عن مهرجان التسوق قبل بداية شهر رمضان، وقامت اللجنة المشرفة عليه ببناء 45 خيمة في شارع مشتل المدينة، أو ما كان يعرف بـ«دوار الباسل»، تؤجر الواحدة بـ40 ألف ليرة سورية».

ألعاب العيد تحمل مظاهر الحرب

لأول مرة منذ عدة سنوات نصبت المراجيح وانتشرت بسطات الألعاب في كل حارة وحي في المدينة. وأكثر ما ميز ألعاب هذا العام حضور الحرب، فكل مجسمات المعدات العسكرية والأسلحة تجدها على البسطات، وفي كل حي تجد الأطفال وقد انقسموا وشكلوا فصائل عسكرية ليجسدوا الواقع بكل تفاصيله، وصار من الطبيعي أن تسمعهم يتبادلون الحديث عن انتماءاتهم، فأحدهم يدّعي أنه من الجيش الحر وآخر من أحرار الشام وآخرون من الهيئة. وربما يتطور الجدال ليتحول إلى تدافع وتضارب بالأيدي، ما يستدعي تدخل الكبار في بعض الأحيان.

وقد شهدت أسعار الألعاب ارتفاعاً كبيراً، ليبلغ سعر البارودة ما يساوي 8 دولارات والمسدس 4 دولارات. أحمد العلي (37 سنة)، وهو بائع ألعاب، قال لنا: «ارتفاع الأسعار ناتج عن ارتفاع سعر صرف الدولار، بالإضافة إلى تضاعف أسعار النقل، والرسوم الكبيرة التي تفرضها الحواجز على المواد الخارجة من مناطق النظام، وتحكّم التجار بالأسعار وعدم وجود ضوابط لها؛ كل هذه العوامل جعلت الأسعار تزداد بشكل غريب. السنة الماضية كنا نبيع البارودة بـ3 دولارات، أما السنة فرأس مالها علينا 6 دولارات».

أسهمت بعض المنظمات في التخفيف على بعض الأسر من خلال توزيع الألعاب والهدايا على الأطفال، وخاصة أبناء الشهداء منهم، من خلال حفلات رعتها للترفيه عنهم.

ورغم الفرحة على وجوه الأطفال كانت قلوب الكبار تحمل لوعة وألماً كبيرين، فلا توجد أسرة إلا وفقدت عزيزاً أو تأذت من الحرب التي تدور رحاها منذ سنوات على امتداد البلاد.