مرافعةٌ عن الشيخ الشهيد عمّان النجرس ضحيةٌ أخرى من ضحايا التنظيم، بعد ثلاثة أشهرٍ من الاختطاف

 الشهيد عمّان النجرس

في اليوم الأول لسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على مدينة العشارة في ريف دير الزور الشرقيّ، اعتقل مقاتلو التنظيم الشيخ عمّان النجرس بتهمة ممارسة السحر. لتختفي آثاره بعد ذلك، ولمدة ثلاثة أشهر، إلى أن أبلغ ذووه بنبأ وفاته في وقتٍ سابق.

وتضاربت الأخبار التي تحدّث بها عناصر التنظيم حول طريقة الوفاة، بين من يقول بأنه قتل أثناء اشتباكٍ وقع قرب مدينة الشدّادي، ومن يتّهم شخصاً من بلدةٍ أخرى بقتل الشيخ، ومن دون أيّ سياقٍ منطقـيٍّ في كلتا الروايتيـــن. وتسـلمت عائلة الشيخ شهادةً ببراءته من تهمة ممارسة السحر المنسوبة إليه، من المحكمة الإسلامية في الميادين.
في هذه القضية –وغيرها- يُطرح السؤال حول شرعية محاكم التنظيم، وعن الأساس الشرعيّ والقانونيّ الذي أنشئت عليه. وبالموافقة جدلاً على حكم التغلب والسيطرة، الذي يسوقه البعض دفاعاً عن شرعية هذه المحاكم، تُطرح أسئلةٌ أخرى تشير إلى جملةٍ من الأخطاء الفادحة التي وقع فيها الجهاز الشرعيّ أو القضائيّ للتنظيم بخصوص قضية الشيخ عمان. يمكن تحديدها انطلاقاً من الاشتراطات التالية:
- أن تكون هناك شكوى أو ادّعاءٌ او إبلاغٌ من شخصٍ معلومٍ ذي مصلحةٍ حقيقيةٍ في هذه الشكوى. وفي حال اعتبار القضية مصلحةً عامةً يجب أن يكون الجرم مشهوداً.
- أن يتمّ القبض على المتهم بصورةٍ رسمية، ودون الانتقاص من كرامته.
- أن يكون مكان الاحتجاز معروفاً، لكي يتمكن ذوو المتهم من زيارته والاطمئنان عليه. وأن يتوافر له حقّ الدفاع عن نفسه.
- أن تكون المحكمة ذات مقرٍّ معروفٍ، وأن يكون القاضي شخصاً معلوماً.
- أن تجري المحاكمة علناً، ويصدر الحكم بالبراءة أو الإدانة في جلسةٍ علنية.
2

ولم يتحقق أيٌّ من هذه الشروط؛ فقد اعتقل الشيخ بطريقةٍ تعسفيةٍ وبشكلٍ مهينٍ لشخصه ولعائلته. ثم سيق إلى جهةٍ مجهولة، ولم يُعرف مكان احتجازه، ولا اسم القاضي الذي نظر في قضيته. ولم تحدّد كذلك المحكمة صاحبة الاختصاص، ولا مكانها. ولم يُعلم أيٌّ من حيثيات الدعوى. فكيف تبيّن للمحكمة الإسلامية أنه مذنبٌ أو بريء؟ وكيف يُعرف أيضاً إن كان قد خضع لمحاكمةٍ أم لا؟ ثم ماذا تعني شهادة البراءة التي قدّمتها المحكمة لذويه في اليوم الذي أبلغوا فيه نبأ وفاته؟
وقعت مظلمة الشيخ منذ لحظة مداهمة منزله ثم اعتقاله، وبتهمةٍ تسبق سيطرة التنظيم على البلد الذي حكم التنظيم نفسه على أهله بالردّة والجهل بأصول الدين قبل الاستيلاء عليه، مما يعفي المتهم من تبعات التهمة. ويستحيل أن يقع الجرم في الساعات الأولى لسيطرة التنظيم. ولم يُراعَ، في حال وقعت هذه الاستحالة، مبدأ درء الحدود بالشبهات.
وتكشف شهادة البراءة، الصادرة عن محكمة الميادين الإسلامية، جهلاً فاضحاً بالأحكام والمصطلحات. فعبارة "ثبتت براءة ذمّته" مصطلحٌ مدنيٌّ لا يلائم الطبيعة الجزائية للتهمة. كأن نقول: "ثبتت براءة ذمّته من الدَّين"، والصواب في سياق الحال هو: "ثبتت براءته من الجرم المنسوب إليه". إذ إن العقوبة تتعلق بشخص المتهم وليس بذمته المالية. وتكشف ورقة البراءة أيضاً عن خطأ إملائيٍّ لا يجوز أن يصدر عن قاضٍ. وتوجب هذه الشهادة على التنظيم العائدة إليه أن ينفذ القصاص من القاتل والمسؤول عن القتل والمشارك فيه والمسهل له، وهذا ما لن يتحقق في سلطةٍ أو من قضاءٍ تتغلب خصال الجريمة فيه على أيّة خصالٍ أخرى. ولا تحتاج السيرة الحسنة لرجلٍ مثل الشيخ عمان لأية شهادةٍ من قبل قاتليه. وهو الرجل المحترم في بيئته، والمشهود له بالصلاح والتقوى والسيرة المحمودة من كلّ عارفيه.

الشيخ عمّان النجرس من مواليد العشارة 1947. متزوّجٌ وله 11 ولداً. حائزٌ على دبلوم الدراسات العليا في الحديث والدراسات الإسلامية من جامعات المملكة المغربية منذ العام 1986.