جامعة الفرات - من الإنترنت

ما زالت قضية الفيديو الذي سِرّب للمحاضر في جامعة الفرات بدير الزور محمد مرهف القاسمي تتفاعل بين طلاب جامعة الفرات وموظفيها، رغم أنها واحدة من عشرات قصص الفساد الذي يستشري في أروقة وزارة التعليم ومؤسساتها كافة، حيث الابتزاز المالي والجنسي يحكم كثير من العلاقات التي تنظم تواصل الكادر التدريسي والطلاب.

الجديد في مسألة الفساد مساهمة استعمال مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت في كشف بعضها، مثلما يحدث مع القاسمي اليوم، الذي انتشر فيديو منذ شهر يظهره خلال مكالمة بالصورة والصوت، وهو يتلفظ بألفاظ جنسية لمن قيل أنها إحدى طالباته في كلية الهندسة البتروكيميائية؛ كما أن الجديد في قضية القاسمي إحالته مع أساتذة آخرين في كل من كليتي التربية والاقتصاد إلى مجلس التأديب للتحقيق معهم في قضايا ابتزاز مالي وجنسي.

تشمل قضايا الفساد في جامعة الفرات ظاهرة "طلاب VIP"، التي تنامت مع سنوات الحرب السابقة وعزلة مدينة ديرالزور في فترة حصارها من قبل تنظيم الدولة؛ إذ يشيع بين موظفي الجامعة الكثير من قصص طلاب "لا يعرفون مقاعد الجامعة ولا شكال الدكاترة ولا قاعات الامتحان"، ويأتي على رأس القائمة عضو المكتب التنفيذي لنقابة المعلمين "كمال جويت" وأمين فرع حزب البعث في ديرالزور "رائد الغضبان"، اللذان حصلا على إجازة بالحقوق دون أن يضطرا للدوام وتقديم الامتحانات. ويضيف أحد الموظفين بأن الجويت ومن خلال منصبه، تلاعب بتوزيع السكن على أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة الفرات لضمان حصوله على الشهادة.

في ذات السياق يضع البعض حصول محمد الأحمد على شهادة الدكتوراه، إذ شغل سابقاً منصب أمين عام جامعة الفرات قبل أن يطرد من الوظيفة، بعد كف يده من قبل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، بسبب ثبوت قيامه بمخالفات مالية وإدارية في عقود توريد الجامعة مع متعهدين متورطين هم الآخرون بقضايا فساد.

قضية الأحمد تفضي إلى الفساد داخل الجهاز الإداري في الجامعة، وبطبيعة الحال إلى عبد الزراق الجربوع إحدى أكثر الشخصيات التي مارست أدوار تشبيحية في مدينة ديرالزور منذ بداية الثورة عبر الهجوم على المتظاهرين بالأسلحة. فمن خلال منصب أمين عام جامعة الفرات الذي شغله سابقاً، ومستفيداً من علاقته القوية بالدكتور جاك مارديني رئيس الجامعة السابق والدكتور راغب العلي الرئيس الحالي وزوجته الدكتورة طليعة صياح عميد كلية الآداب، تنقل الجربوع بين دير الزور والحسكة ودمشق لتأمين صفقات مع تجار ومتعهدين لصالح الجامعة، فيما شكّل ترميم وإصلاح كليات جامعة الفرات بالحسكة "عصره الذهبي"، إذ قدر مصدر مقرب من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، قيمة التوريدات والإصلاح والترميم خلال الفترة الممتدة من 2013 لغاية 2016 بأكثر من 800 مليون ليرة سورية، نفّذ قسم كبير منها على الورق فقط، بينما تكفل بالباقي محاضر إتلاف بحجة "الهجمات الإرهابية".

تشير أصابع الاتهام في الكثير من قضايا الفساد إلى رئاسة الجامعة، التي تنتهي عندها الكثير من الخيوط، خاصة عند إعادة تعيين متورطين بمثل تلك القضايا، التي كان أحد أشهر أبطالها محاسب البعثات العلمية في الجامعة قبل سنوات "محمد الحاج تمر". يقول والد طالب موفد إلى فرنسا كان من أوائل الذين اكتشفوا الأمر، أنه تأكد من وزارة التعليم العالي أن المبالغ مصروفة بتاريخ قديم وسلمت من وقتها لمحاسب البعثات، بينما لم تصل إلى الطلاب المستحقين، ما تسبب بكف يد الحاج تمر عندما افتضح الأمر، لكنه عاد إلى الجامعة بعد فترة قصيرة وكأن شيئاً لم يكن.

يشرح أحد موظفي الجامعة بأن الحاج تمر المسؤول عن استلام مستحقات الموفدين بالدولار واليورو،  كان يؤخر تسليمها لذويهم بالاتفاق مع مسؤولي الجامعة، للاستفادة من المبالغ في المتاجرة بها بالعقارات والآليات الثقيلة.

أما طالب بسيط في جامعة الفرات، فيكفيه نظرة واحدة إلى مؤشر "ويب ماتريكس" ليدرك حجم انهيار المنظومة التعليمية في جامعته، إذ بلغ ترتيبها العالمي 16522 وترتيبها العربي 664 وترتيبها المحلي 13.

ومن خلال مؤشرات التصنيف، لا يعود مستغرباً هذا الترتيب في حالة جامعة الفرات، حيث "غياب البحث العلمي والشفافية، وتوافر المعلومات على الإنترنت، والأهم من هذا وذاك غياب منهجية طرق التدريس وكفاءة الكادر التدريسي، والفساد الذي ينخر بجسد هذه المؤسسة" كما يعلق أحد الطلاب.