المعلمون (المتطوعون) رغماً عنهم في مناطق الجيش الوطني

مدرسة في الشمال السوري - وكالة الأناضول

يشعر المعلمون في مناطق انتشار "الجيش الوطني" (غصن الزيتون ودرع الفرات ونبع السلام) بالظلم نتيجة حصارهم بين رواتب متدنية يسميها القائمون على العملية التعليمية "منح"، و"مدونة سلوك" صارمة تمنعهم من أمور كثيرة من بينها العمل خارج مهنة التعليم.

يبلغ راتب محمد (معلم في مناطق غصن الزيتون) ٧٥٠ ليرة تركية، ويعادل ٨٥ دولار أمريكي أو أقل، و"يعتبر هذا المبلغ قليل جداً مقارنة بالمصاريف المنزلية اليومية: يذهب نصف الراتب أو أكثر إيجاراً للمنزل، والباقي يجب تحميل جميع المصاريف اليومية عليه، من طعام وعلاج وملابس وتدفئة في فصل الشتاء"، وكثيراً ما يقارن هذا الراتب براتب "مستخدم" في إحدى المنظمات، ويصل إلى ضعفه إن لم يكن ضعفين أو أكثر.

يصل وسطي رواتب الموظفين في المنظمات العاملة في المنطقة إلى ٣٠٠ دولار، ما يدفع نسبة كبيرة من المدرسين إلى البحث عن فرصة عمل في المنظمات وترك مهنة التعليم التي باتت "لا تطعم خبزاً"، ويتابع محمد في المقارنات: "رغم صعوبة تأمين عقد عمل في منظمة إلا أنها تبقى فرصة يبحث عنها معظم المعلمين، إذ أن راتب ثلاثة أشهر في منظمة يعادل راتب مدرس لسنة كاملة"، بينما يأتي رد مديريات التربية على السؤال عن الزيادة، بأنه "ما المسؤول بأعلم من السائل"، لأن جميع قرارات التعليم مجمعة في يد المنسق التركي المختص في كل تربية.

يدخل المدرسون سلك التعليم في مناطق الجيش الوطني بصفة "متطوعين"، وتلزمهم مديريات التربية بتوقيع تعهد "مدونة سلوك"، تنص على التعهد بعدم العمل في أي مهنة أخرى، وعدم المشاركة في جميع الأنشطة المدنية والسياسية، وضمن بنود التعهد يعتبر المدرس (المتطوع) بحكم المفصول حال مخالفته لتلك الشروط، كما أنه محروم من الإجازات، وغياب ثلاثة أيام متتالية تعني الفصل النهائي.

للتذكير بوضعهم، خرج المعلمون في مناطق "درع الفرات" للاحتجاج على وضعهم وتدني الرواتب أكثر من مرة، آخرها كانت وقفة احتجاجية صامتة نظمت في كانون الثاني من هذا العام، طالبوا فيها مديريات التربية بزيادة رواتبهم، وتحسين ظروف عملهم وتأمين احتياجاتهم، ما اعتبرته مديريات التربية مخالفة لشروط التعهد الذي وقعوه نهاية عام ٢٠١٩، ما دفع في إثره مديرية تربية مدينة أعزاز إلى استدعاء المشاركين بالوقفة (حوالي ٣٠ معلماً) واستجوابهم وإجبارهم على توقيع إنذار بالفصل إن تكرر الأمر.

يروي أحد المعلمين الذين تم استدعاؤهم (طلب عدم ذكر اسمه) ما حدث في مكتب مدير التربية قائلاً: "سُئلتُ عن هدف الوقفة"، التي "لم يكن لها داعٍ" كما قال أحد مسؤولي التربية، "لأنكم موقعون على عقد العمل المتضمن في المادة ٢٦ منه، بعدم المشاركة بالتظاهر أو تعليق مناشير أو لافتات غير لائقة بالعملية التربوية"، ويتابع المعلم بأنهم اضطروا للتوقيع على "عقوبة تنبيه"، لأن من يرفض التوقيع يتحمل نتيجة ذلك "الفصل من العمل".

يرى نائب مدير المكتب التعليمي السابق في أعزاز، أن تدني رواتب المعلمين سبّب في انخفاض أعداد مدرسي الاختصاص، لأن الأخيرين يتوجهون إلى العمل في المنظمات، أو الدروس الخصوصية، ويؤثرون "الابتعاد عن المدارس ضمن كل القوانين المجحفة بحق المعلم" حسب حديثه لـعين المدينة“.

حاول معلمون آخرون أتيحت لهم الفرصة للعمل في منظمة، التوفيق بين التدريس والعمل، لكنهم يعيشون حالة من القلق الدائم من الفصل إذا كشف أمرهم. فادي أحد هؤلاء يقول: "أشعر بأني ارتكب جرماً بعملي في إحدى المنظمات، أحاول إخفاء الأمر عن جميع زملائي خشية أن تعلم التربية وتطبق بحقي قرار الفصل، (لكن) تحسنت ظروفي المعيشية بشكل ملحوظ، ولم أعد أخشى من قدوم آخر الشهر. إذا كشف أمري سأقدم استقالتي من التدريس".

في المقابل يخشى الأستاذ حسين من هذا الأمر، إذ يعتقد أن رحيل المعلمين باتجاه المنظمات يترك فراغاً كبيراً في المدارس، ويفتح المجال لغير ذوي الخبرة والاختصاص لدخول سلك التعليم، ما سيترك أثره على مستقبل الأطفال.

 وللوقوف على أسباب مديريات التربية في فرض "مدونة السلوك" وعدم الاستجابة لمطالبات زيادة الرواتب، حاولتعين المدينةالتواصل مع تربية أعزاز عبر صفحتهم في الفيسبوك، لكن المجلة لم تتلق أية استجابة.