التعليم الافتراضي في المناطق المحررة تحت الاختبار

استطاعت الجامعات الافتراضية أن تحجز لها مكاناً عند شريحة كبيرة من الطلاب السوريين، لاسيما أبناء المناطق التي تعرضت لحصار خلال السنوات الأخيرة، لكن يبقى الاعتراف بالشهادة التي تمنحها تلك الجامعات موضع جدل، إن لم يكن موضع تشكيك الكثيرين.

أجبرت ظروف الحرب والحصار طلاباً سوريين كثر على الانقطاع عن حياتهم الدراسية، فيما حظي البعض بمحاولة استكمالها عن طريق الجامعات التي أعيد إنشاؤها في المناطق المحررة. يعيد فادي شباط (طالب يدرس في جامعة رشد الافتراضية) سبب التحاقه بالجامعة إلى قراره استثمار الحصار بالدراسة، في الفترة التي فُرض فيها على منطقته في جنوب دمشق من قبل نظام الأسد وحلفائه، وبما أن المنطقة لا يتوفر فيها جامعات، كان خيار الالتحاق بجامعة رشد هو الأفضل، بحسب ما استنتج.

لم يناقش شباط كثيراً نقطة الاعتراف بالشهادة، معللاً بأن طموحه "ليس مجرد شهادة ووظيفة، وإنما اكتساب معلومات تساعده في الحياة العملية" وقد وجد ضالته في رشد، حيث (تتوفر معلومات قيمة وطريقة سهلة للدراسة) "عدم الالتزام بدوام أفضلها" قال محدثنا.

تعرّف "رشد" عن نفسها أنها تتبع للجامعة الآسيوية العالمية، وبحسب نشطاء فإن ادعاءها موضع شك، وقضية الاعتراف بالشهادة الصادرة مازال مبهماً. لكن تعتبر جامعة رشد الافتراضية التي أسست في العام 2012 من أكثر الجامعات الافتراضية التي جذبت الكثير من الشباب السوري لسهولة التسجيل فيها وانخفاض تكلفته وتقديمها منحاً قد تصل إلى خصم 100%

المهندس ملهم دروبي (مدير الجامعة) وخلال حديثه لعين المدينة قال "إن الجامعة وقعت اتفاقاً مع وكيل جامعة آسيا العالمية بالشرق الأوسط منتصف 2013، كما أنه تم تعزيز الاتفاقية بداية العام 2019 لتجعل التعاون التعليمي مع الجامعة بشكل مباشر في مقرها الرئيسي في سيلانجور (منطقة سوبانج جايا)- ماليزيا." وأشار بالقول "لا يهمنا برشد ما يقوله الآخرون، نحن واثقون من صحة وقانونية ما نفعله لمصلحة تعليم بناتنا وأبنائنا، هذا كل اهتمامنا ولا يعنينا سوى ذلك".

لكن قرارات تركيا بخصوص الجامعات التي تفتتح فروعاً لها على أراضيها تلقي بظلالها على المشهد التعليمي السوري الخاص، إذ تشكل فرص العمل في تركيا أفقاً للكثير من الخريجين، في وقت أصدر فيه مجلس التعليم العالي في تركيا قراراً برفض الاعتراف بالكثير من الجامعات المفتتحة على أراضيها، مستنداً إلى القوانين التي (تشترط على أية جامعة أجنبية ترغب بمزاولة نشاطها في تركيا أن يتم الاعتراف قانونياً بالأفرع التي تم افتتاحها من قبل بلد المنشأ والبلد الذي تزاول الجامعة نشاطها فيه) كما تداولت وسائل الإعلام منذ فترة.

يعترف باسل مراد مدير البرامج بجامعة رشد، أنه على مدار سبع سنوات لم تعلن الجامعة أن شهادتها معتمدة في تركيا أو في أي دولة أخرى، موضحاً أن "هدف رشد ليس تجارياً ولا لتوزيع (الكرتونة- الشهادة) وإنما لإيصال العلم لمن حالت الظروف دون إكمال تعليمه، والسعي لرفع (ثقافة شعبنا) في شتى المجالات، بالإضافة إلى (صقل مهاراته) ليكون مهيأً للانخراط بسوق العمل وإعادة البناء".

تضم الجامعة عدة برامج مثل دبلوم العلوم السياسية والمحاسبة وإدارة الأعمال وبكالوريوس الإدارة الحكومية وتقنية المعلومات، بالإضافة إلى دبلوم لغة إنكليزية وتأهيل تربوي؛ مدة الدارسة بالجامعة تتراوح بين عامين إلى ثلاثة أعوام مقسمة على عدة فصول دراسية، ويكون تلقي الدروس عبر الإنترنت بشكل كامل ضمن محاضرات تفاعلية مباشرة ومحاضرات مسجلة.

بعد امتحانات عبر الإنترنت كذلك، يمنح الطلاب المتخرجون (شهادات مهنية) يمكنهم تصديقها عبر الجامعة الآسيوية، بحسب (مراد) الذي بيّن أن "تخرج الطلاب من رشد غير مربوط بطلبهم شهادة آسيا، وإنما خيار يختاره من يرغب بكامل حريته، ويعتبر هذا الشق الأول من الاتفاقية الموقعة مع الجامعة الآسيوية". أما الشق الثاني فهو تحصيل

منح عالية لمن يرغب في الدراسة في آسيا بشكل مباشر، ويحصل على شهادة أكاديمية معترف بها في (وكالة التأهيل الماليزية MQA)، كما يقول.

لم يكن اختيار الطالب عبد الرحمن (من جسر الشغور) لجامعة رشد اضطرارياً، ولكنه وجد فيها الاختصاص الذي أحبه (العلوم السياسية) "اخترت جامعة رشد لأن فيها الاختصاص يلي بحبه.. ما فكرت بموضوع الاعتراف" يقول عبد الرحمن الذي أكمل عامه الثاني ضمن الجامعة. ويصف منهاج الجامعة بالضخم المليء بالمعلومات وأبدى إعجابه بالدروس التفاعلية والكادر المميز كأمثال الدكتور عصام عبد الشافي. ويمكن لعبد الرحمن استكمال دراسته ضمن جامعة إدلب التي تستقبل طلاب الجامعات الافتراضية، ومن ضمنها رشد، على أن يحقق الطالب في مجموعه بالثانوية الحد الأدنى للقبول في مفاضلة الجامعة في العام الذي يريد أن ينقل فيه؛ كما يعود هذا الموضوع لمكافأة المقررات التي درسها الطالب في رشد لمواد جامعة إدلب.