احتفال على حافة الفجيعة.. رصاص المناسبات الاجتماعية في دير الزور تحت سلطة قسد

تعبيرية من الإنترنت

تعمل بعض العادات الاجتماعية في دير الزور بمعزل عن أي قوانين ناظمة أو تفكير عقلاني بنتائجها. هذا هو الحال مع إطلاق النار في المناسبات الاجتماعية مثل الأعراس، الذي لا يمر وقت إلا وترك إصابات من الحضور والجوار، ربما وصلت إلى الموت وتحويل الأفراح إلى مآتم.

فقد تداولت مؤخراً مواقع وصفحات إخبارية محلية على وسائل التواصل الاجتماعي، فيديو يوثق لحظة إصابة أربعة أشخاص في قرية حوايج ذيبان الواقعة تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، جراء إطلاق نار من سلاح حربي خلال أحد الأعراس.

وقال أحد أقارب المصابين لعين المدينة، أن الأخيرين نقلوا بعد الحادث إلى مستشفى ذيبان الخاص، حيث تبين أن إصابة اثنين منهم طفيفة، بينما يحتاج الآخران إلى عناية نظراً لخطورة إصابتهما. وتابع الشاب أن قسد لم تتدخل نهائياً في مجريات الحادث، بينما توقف الحفل بسبب الحادث، الذي لم يأخذ منحى دموياً أبعد من ذلك للقرابة التي تجمع المصابين بالعريس.

وأحصى نشطاء إعلاميون يعيشون في مناطق سيطرة قسد في دير الزور، ما يقارب ال 15 مصاباً بينهم سيدات وأطفال منذ بداية العام الحالي، جراء إطلاق الرصاص خلال مناسبات اجتماعية، دون أن تعبر الإصابات عن المرات الكثيرة واليومية لإطلاق النار. وتركزت غالبية الإصابات في قرى وبلدات الريف الشرقي كالشحيل والشعيطات والحوايج والبصيرة. ورأى أحد النشطاء أن الظاهرة منتشرة بكثرة بدير الزور منذ زمن، لكنها ازدادت مؤخراً بسبب غياب ملاحقة سلطات قسد لها، وتفاقمت بسبب كثرة حيازة السلاح الشخصي والتناحر بين بعض العوائل أو العشائر.

وأعاد من تحدثت إليهم عين المدينة من وجهاء وفاعلين اجتماعيين في ريف ديرالزور، إطلاق النار الاحتفالي إلى رغبة المطلقين بالتعبير عن فرحتهم، أو لمناكفة عائلة أو عشيرة من الجوار تطلق النار خلال احتفالاتها الخاصة. بينما ربط البعض استمرارها رغم نتائجها المعروفة، ب"الواجب ورد الجميل" إذ يكون العريس أو أقاربه قد أطلقوا النار في مناسبة تخص المطلقين.

ثامر الهدوش أحد وجهاء بلدة ذيبان، قال لعين المدينة "حاولنا في وقت سابق تلافي هذه الظاهرة بعدة طرق، كان أولها اجتماع عقدناه العام الفائت في ديوان فخذ البو عز الدين مع بقية وجهاء القرية، وطالبنا كل شخص من الحضور بأن يكفل عدم إطلاق النار من أقاربه في المناسبات، وذلك من خلال ورقة كتبناها ووقعنا عليها جميعاً. لكن بعد فترة قصيرة فشلت هذه المحاولة بسبب عدم قدرة الموقعين على ضبط جميع أقاربهم".

وأضاف بأنه لم يعد أحد يستطيع منع حتى أفراد عائلته، لذلك وقع وجهاء القرية في اجتماع آخر على ورقة تقرر بأن "القتل برصاصة طائشة خلال أحد المناسبات سيعتبر قتلاً عمداً"، بعكس المتعارف عليه سابقاً بأن القتل خطأ "خطوة" تدفع فيه الدية ولا يجبر مرتكبه على الرحيل.

وتابع الهدوش "وزعنا تلك الورقة في القرية بهدف تخويف مطلقي النار، إلا أننا لم نحصل على نتيجة أيضاً". وتأتي محاولات الوجهاء والفاعلين الاجتماعيين في المنطقة، الحد من انتشار إطلاق النار الاحتفالي نظراً لعدم تدخل سلطات قسد حين إطلاق النار.

في ما علّق محامي من دير الزور طلب عدم ذكر اسمه، أن التهمة الوحيدة لمطلق النار خلال المناسبات في فترة سيطرة النظام، هي حيازة سلاح غير مرخص. وقال بأن مدة السجن تتراوح بهذه التهمة من 6 أشهر إلى عام ونصف حسب نوع السلاح، لكن "كان مطلق النار يخفي نفسه خلال المناسبة، ويطلق النار من مكان غير معلوم، ومن ثم يختفي بحيث لا يتعرف عليه أحد".

وذكّر المحامي بأنه عادة ما ينكر الأهالي معرفة مطلق النار عند توجه دوريات الشرطة إلى مكان إطلاق النار، وأن عناصر الدورية لطالما كانت تلجأ إلى التهديد باعتقال العريس من أجل التحقيق معه، لكن ذلك وفق تعبير المحامي "مجرد عملية ابتزاز من أجل دفع رشوة لهم. عناصر المخفر كانوا يعتبرون أي مناسبة اجتماعية يحدث فيها إطلاق نار رزقة لهم". بينما كان يلجأ البعض لرشوة الشرطة مسبقاً لإطلاق النار دون مساءلة.

من الجدير بالذكر أن إطلاق النار الاحتفالي زاد في السنوات الأخيرة تحت سلطة قسد، ما منع الأهالي من التصرف بحرية عند أي احتفال في الجوار، الأمر الذي يظهر من تركهم النوم على أسطح المنازل في الصيف كما هو معمول به في المنطقة، قبل انتشار إطلاق النار دون رادع وتسببه بحوادث دموية في أكثر من مناسبة.