كورونا: تزايد الإصابات في مختلف المناطق السورية

من الإنترنت

رغم ظهور المتحور الجديد من فيروس كورونا المستجد "أوميكرون" وحالةِ الهلع  التي تسيطر على العالم، ما يزال الحديث في سوريا عن متحور دلتا وعن طريقة إجراء اختبار "كوفيد 19"، فالإصابات تتزايد بوتيرة عالية في المناطق السورية المختلفة دون استثناء، وما يزيد الطين بلة هو عدم وجود منظومة صحية تتفاعل مع الانتشار السريع للفيروس، حيث أصبحت محاولة إحصاء المرضى ضرباً من الرفاهية.

أعلنت شبكة الإنذار المبكر المسؤولة عن إحصائيات "كوفيد 19" في حلب وإدلب ومناطق "نبع السلام" عن تسجيل 623 إصابة جديدة خلال الأسبوع الثاني من كانون الأول، بنسبة إيجابية بلغت 15.2% من مجمل تحليل PCR وصلت لحدود 4000 تحليل، في حين بلغ عدد الإصابات الكلي منذ بداية ظهور كوفيد حوالي مئة ألف إصابة مع عدد وفيات بلغ 1226. 

وبالرغم من الجهد الكبير الذي تقوم به شبكة الإنذار المبكر لكن الأعداد الحقيقية تفوق تلك المعلن عنها، فتبعاً لإحصائيات متفرقة من العناصر الطبية العاملة في هذه المناطق تجاوزت الإصابات الكلية الـ500 ألف إصابة، بينما تجاوزت الوفيات الخمسة آلاف وفاة في مناطق يبلغ عدد سكانها حوالي 4.5 مليون نسمة تقريباً، وتستند هذه التقديرات إلى الفحوصات الشعاعية والفحوص الدموية والأعراض.

أما في مناطق سيطرة النظام فقد أعلنت وزارة الصحة في آخر إحصائية لها بتاريخ 14 كانون الأول، عن تسجيل 78 إصابة جديدة ووفاة أربع منهم، لافتةً إلى أنّ "حصيلة الإصابات المسجّلة في ​سوريا​ حتّى الآن بلغت 49350، شُفي منها 30573 حالة وتوفّي 2818". وتبلغ المأساة ذروتها بالنسبة إلى السوريين في هذه المناطق، حيث الفرق بين الرقمين المعلن والحقيقي كبير جداً، وتبعاً لعاملين في القطاع الصحي وجمع المعلومات من شتى المحافظات فإن عدد الإصابات وعدد الوفيات حتى الآن غير قابل للتقدير، والعاملون في القطاع الصحي هناك يتلقون التهديدات في حال تصريحهم بأي معلومة.

وفي مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)" من محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، توقف المختبر الوحيد لاختبارات pcr عن العمل منذ العاشر من تشرين الثاني بسبب نفاد المواد اللازمة لإجراء الاختبارات. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن آخر دفعة  تلقاها المختبر من هذه المواد كانت في حزيران 2021، بما يكفي لإجراء 25 ألف اختبار. وكانت منظمة الصحة العالمية قد طلبت شراء هذه المواد منذ تموز، ولكن بسبب صعوبة وصول هذه المواد إلى القامشلي فإنها تستغرق وقتاً طويلاً، ومن المتوقع أن تصل في كانون الثاني 2022، واستطاعت المنظمة تأمين حصة تكفي لألف اختبار، تكفي لتشغيل المختبر ولكن بالحد الأدنى ولأسبوعين أو ثلاثة على الأكثر.  

وتبعا لآخر الإحصائيات قبل توقف المختبر عن العمل فإن عدد الإصابات المسجلة في منطقة سيطرة قسد، بلغت حوالي 36960 إصابة بإجمالي 1478 وفاة حتى تاريخ 10 تشرين الثاني؛ أرقام بعيدة عن الواقع في مناطقها التي تجاوز عدد الإصابات فيها وفقاً لتقديرات العاملين الصحيين في شمالي شرقي سوريا الـ300 ألف إصابة، بينما تجاوزت الوفيات السبعة آلاف وفاة.

ما يزيد خطورة الوضع عدم وجود فحص جيني يحدد نوع المتحور، إضافة إلى افتقار المنظومة الصحية في جميع مناطق سوريا إلى القدرة والكفاءة، من حيث التجهيزات اللازمة في المستشفيات والمراكز الطبية العامة المفتتحة من جهة، ومن حيث عدد العاملين الطبيين المؤهلين كأطباء وفنيين وممرضين من جهة ثانية، ناهيك عن عدم وجود إجراءات متخذة جدية التأثير للحد من أعداد المصابين ولتقديم الرعاية المطلوبة لهم، فعدد الأسرّة المتوفرة لمرضى كوفيد لا يتجاوز 260 سريراً لعدد سكان يتجاوز أربعة ملايين نسمة شمال شرقي سوريا، ولا يوجد في المنطقة إلا معملان لتعبئة أسطوانات الأكسجين بطاقة لا تكفي احتياجات المنطقة، إضافة إلى افتقار المنطقة للكثير من الأدوية.

بينما يعتبر الوضع أفضل في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" ومناطق المعارضة المدعومة من تركيا، حيث يوجد مختبر في ريف حلب ومختبر آخر في إدلب، لكن قدرتهما على إجراء الفحوصات محدودة بسبب عدم توافر المواد الأولية وعدم وجود كوادر مدربة للعمل على الأجهزة. وقد حاولت بعض المنظمات تأمين أجهزة فحص إضافية، لكن صراع المنظمات على التفرد بتغطية ملف كوفيد جعل من الأمر مستحيلاً، ويتوافر حوالي 436 سرير عناية لمرضى كوفيد، إضافة إلى سهولة دخول المعدات من معبر باب الهوى، وبالرغم من كل هذه الأوضاع إلا أن الاستجابة لا تتناسب مع انتشار الجائحة.

يصرح إعلام النظام عن وجود مختبر تحليل في كل محافظة تحت سيطرة النظام، لكن الواقع عكس ذلك. ففي مناطق سيطرة الأسد لا يوجد إلا ثلاثة مختبرات في حلب ودمشق واللاذقية، عدا عن المختبرات الموجودة في المستشفيات الخاصة والتي تبلغ تكلفة التحليل فيها 40-50 دولاراً أمريكياً، إلا أن أبوابها مغلقة غالب الأوقات، وتصل تكلفة ليلة واحدة في العناية المركزة فيها إلى 200 دولار. كل هذه المعطيات تجعل الموت مصير أغلب الحالات الحرجة في بلد يبلغ معدل الدخل فيه حوالي 25 دولاراً.

وتشترك جميع المناطق بعدم استجابتها لحملات التوعية وقرارات الإغلاق والتباعد الاجتماعي والالتزام بمبادئ الوقاية وأدواتها، بالإضافة إلى عدم توافر هذه الأدوات بالأساس، فهي غالية الثمن وتضيف عبئاً زائداً على السكان، كذلك لا يستطيع السكان الالتزام بقرارات الإغلاق، لأن كثيرين منهم يعملون بنظام المياومة، فاليوم الذي لا يعملون فيه لا يجدون قوتهم أو قوت عيالهم.

أما بالنسبة إلى اللقاح فلا تتجاوز نسبة الذين تلقوا التطعيم 2% من سكان شمالي شرقي سوريا تبعاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، وفي مناطق شمالي غربي سوريا لم تتجاوز نسبة الذين تلقوا التطعيم حوالي 6% تبعاً لإحصائيات فريق (لقاح سوريا)، وكذلك في مناطق سيطرة الأسد لم تتجاوز 2%، ويعود ذلك إلى عدم الحصول على كميات كافية من اللقاحات، إضافة إلى انتشار الكثير من الشائعات حول اللقاح ومحاربته من رجال الدين والكوادر الطبية وعدم وجود حملات توعية لأهمية اللقاح.